Tuesday, 3 September 2019

تفسير سير التاريخ

                           
لقد اختلف فلاسفة التاريخ على هل ان للتاريخ قواعد وقوانين حتمية يسير عليها ام لا . ان اول من قال بالتاريخيه الحتمية هو ابن خلدون  (1332 -1406) فقد قال بأن للتاريخ قوانين عامة
و هو يسير سيرا حتميا تخضع له جميع الامم والحكومات والدول
و لا مناص للفرار منها فهي واقعه حتما . ان هذا الكلام في وقته يعتبر غير مألوف في ذلك العصر واقصد القرن الرابع عشر فلقد كان المؤرخون قبل ابن خلدون يفسرون التاريخ تفسيرا دينيا فهم يعزون سبب سقوط الامم الى فسادها و كفرها لكن ابن خلدون قال بأن هذه الحتميات والقوانين لا تميز بين امة صالحه وامه طالحه
فنجد ان امبراطورية وثنية مثل الامبراطوريه الرومانيه قد انهارت
ومثلها الحضارة الاسلامية قد انهارت . لعل السبب الذي قاد ابن خلدون لهذا التفسير للتاريخ هو ان ابن خلدون حاول ان يقيم امارة في المغرب العربي يكون هو ملكها لكي يرجع مجد عائلته التي كانت من العوائل التي حكمت فترة من الفترات بعض مناطق المغرب العربي و لكنه فشل في ذلك فأراد ان يفسر ما حصل له وفشله في تحقيق حلمه بالامارة فعكف على تأليف كتاب في التاريخ اسماه كتاب "العبر" فقدم له بمقدمة هي التي تعرف بمقدمة ابن خلدون والحق ان هذا الكتاب يعتبر اول كتاب في علم الاجتماع الذي اسماه بعلم العمران لذلك يعتبر بعض المؤرخين أن ابن خلدون هو مؤسس علم الاجتماع الحديث و ليس العالم الفرنسي أوغست كونت ( 1798-1857) .
لقد اعتبر ابن خلدون ان اهم عامل في الحصول على السلطة هي "العصبيه" اي جماعة كبيرة من الناس . وهذا يعني لا سلطه من دون العدد الكافي من الناس وهو بذلك نفى ان تكون القبيله الصغيرة قادرة على القيام بالسلطه وذلك لعدم توفر شرط العصبية فيها بينما القبيلة الكبيرة قادرة على اخذ السلطة لتوفر الشرط فيها وهي العصبية اي العدد الكافي من المناصرين وهي بعد ذلك تظل على رأس السلطة الى حين توفر عصبية اكبر منها فاذا توفرت تلك المجموعه من الناس التي تكون عصبيتها اكبر من العصبية القائمه بالسلطة كانت قادرة على اسقاطها والقيام محلها .
و هو بذلك قال ان اي شخص لا تتوفر عنده العصبيه الكافية اي عدد الناس الكافي للخروج على الحاكم لا يجوز له الخروج على ذلك الحاكم .
ثم ان ابن خلدون قرر بأن جميع الحكومات تمر بمراحل خمس
 المرحلة الاولى : طور الظفر بالبغية و غلب المدافع والممانع والإستيلاء على الملك و انتزاعه من أيدي الدولة السالفة قبلها.
فيكون صاحب الدولة في هذا الطور أسوة بقومه في أكتساب المجد و جباية المال والمدافعه عن الحوزة والحماية لا ينفرد دونهم بشئ
لأن ذلك مقتضى العصبية التي وقع بها الغلب وهي لم تزل بعد بحالها .
المرحلة الثانية : وهي طور الاستبداد على قومه والانفراد دونهم بالملك وكبحهم عن التطاول للمساهمة والمشاركة . ويكون صاحب الدولة في هذا الطور معنيا باصطناع الرجال واتخاذ الموالي والصنائع والاستكثار من ذلك .
المرحلة الثالثة : طور الفراغ والدعة لتحصيل ثمرات الملك مما تنزع
طباع البشرية اليه تحصيل المال و تخليد الاثار وبعد الصيت فسيتفرغ للجباية و ضبط الدخل والخرج واحصاء النفقات وبناء المباني المرتفعه و تشييد الامصار والمدن والدفاع عن السلطة ضد الطامعين فيها والخارجين عليها .
المرحلة الرابعة : وهي طور القنوع والمسالمة ويكون صاحب الدولة في هذا الطور مقلدا مقلدا الماضي من سلفه ويرى ان الخروج عن تقليده فساد امره وانهم ابصر بما بنو من مجده و هو بذلك ينزع الى تقليد اسلافه
المرحلة الخامسة :طور الاسراف والتبذير ويكون صاحب الدولة في هذا الطور منغمسا في الشهوات والملاذ واصطناع جلساء السوء والجواري الحسان مضيعا من جنده بما انفق على شهواته وترفه
ويسمى هذا الطور بطور الهرم حيث تلفظ السلطة انفاسها الاخيرة
وينقلب عليها الناس و يحيكوا الخطط و المؤامرات لأسقاطها فاذا جاءت الجماعة ذات العصبية الاكبر اسقطتها وحلت محلها وهكذا دواليك

واذن فان تحليل ابن خلدون بولادة ونمو وهرم الدول هو ذو اهمية بالغة لأنه ينطلق من دراسة الحركة الداخليه للدولة المتمثلة بالعصبية تلك المقولة الاجتماعية والسياسية التي تعتبر محور المقولات في النظرية الخلدونية .



No comments:

Post a Comment