Monday 9 September 2019

تأثير القانون الصناعي في القوانين الأخلاقية

في المقالة السابقة تكلمنا عن تأثير القانون الزراعي في الأخلاق و في هذه المقالة نتكلم عن تأثير القانون الصناعي فيها . ظهرت المصانع فجأة و أخذ الرجال و النساء و الأطفال يهجرون البيت والاسرة ليعملوا كأفراد يأخذ كل منهم أجره بمفرده و ذلك في بيئة متوحشة اقيمت لتأوي الالات لا البشر و نمت المدن فأخذ الناس بدلا من البذر والحصاد في الحقول يكافحون في معركة حياة أو موت في ورش مظلمة مع السكاكين والمناشير والعجلات و المكابس وقطع الحديد , و توالدت الاختراعات كما توالدت الطبقة العاملة فيها , ان القانون الصناعي ادى الى تغيير القيم الاخلاقية حيث اصبحت المرأة منافسا للرجل في العمل و المجالات الصناعية فاصبحت الاعمال السابقة التي كانت تقوم بها المرأة في الحقل تقوم بها في المصنع , كما أدى دخول المرأة في المجالات الصناعية و مزاحمتها للرجل في العمل على جعل الحمل و الولادة عبئا ثقيلا عليها يكلف كثيرا من الوقت و المال للاطباء والمستشفيات والممرضات فليس من السهل على المرأة المعاصرة الانجاب بالسهولة واليسر التى كانت تنجب بهما جدتها . وكلما كثر عدد الاطفال ازدادت الامور سوءا فكل ولد يحتاج تعليم حتى سن الرابعة والعشرين كما ان الاولاد يضاعفون اجرة البيت والسفر ويذهبون الى المسارح والملاهي بانتظام , من اجل ذلك كان الحمل و انجاب الاطفال في المدن عبئا ثقيلا لذلك تفضل المرأة تاخير وقوعه اكثر ما تستطيع وربما فضلت العقم على الحمل والانجاب و انتشرت موانع الحمل وبذلك قل عدد النسل , فبعدما كان تعتبر كثرة النسل فضيلة في المرحلة الزراعية اصبحت لعنة ونقمة واصبحت قلة النسل هي الاصلح في المرحلة الصناعية . أن اختراع موانع الحمل و ذيوعها قد كان له الاثر الكثير في تغيير اخلاقنا , فقد كان القانون الاخلاقي قديما يحصر الصلة الجنسية في الزواج اما اليوم فقد انحلت الرابطة بين الصلة الجنسية و بين التناسل و خلقت موقفا لم يكن اباؤنا يتوقعونه و أثمرت هذه الشروط كلها علة أوسع و أعم لتغير أخلاقنا و هي تأخير الزواج , فقد وجد أن معدل سن الزواج في بريطانيا 33 سنة وفي فرنسا 31 سنة لأحصائية عام  2010 و معدل سن الزواج في أمريكا 29 سنة لعام 2013 و كلما ازداد انتقال الناس من الريف الى المدينة ارتفعت سن الزواج و اتجهت أكثر فأكثر نزعة رجال الطبقة المتوسطة على اعتبار الزواج خسارة وقد اصبح الاطفال حملا ثقيلا و البيت شقة في عمارة كبيرة . ويتأمل الاعزب حياة اصدقائه المتزوجين و يرى كيف يتهالكون على العمل و كيف ان حياتهم صعبة و مرهقة فيؤثر حياة العزوبية على الزواج . فحياة المدن تفضي الى كل مثبط عن الزواج و لكن انتشار الاباحية في هذا العصر و كل المتع الجنسية الرخيصة جعل من العسير على الفرد ان يكبح جماح شهواته فيأخذ الجسم بالثورة و تضعف القوة على ضبط النفس عما كان في القديم و تصبح العفة موضعا للسخرية و يختفي الحياء و يفاخر الرجال بخطاياهم و تطالب النساء بحقها بالانغماس في مغامرات غير محدودة على قدم سواء مع الرجال ويصبح الاتصال الجنسي قبل الزواج مألوفا , فقد تمزقت أوصال القانون الأخلاقي و لم يعد العالم المدني يحكم به , فيلجأ الرجال الى صحبة الساقطات فينتقل من ساقطة الى أخرى أو يتردد على الكباريهات حتى تمل نفسه وتسأم استعراض الاجسام المتمايلة و السيقان العارية و يكتشف ان جميع الفتيات متشابهات فيمل اخر الامر الرذيلة نفسها ثم يجد ان صعوبات الزواج ليست شيئا مذكورا بالقياس الى الفراغ الذي يحس به معظم العزاب في حياتهم . و لسنا ندري مقدار الشر الاجتماعي الذي ينشأ عن تأخير سن الزواج و لكن معظم الشر يرجع في أكبر الظن الى التأجيل غير الطبيعي للزواج و ما يحدث من اباحية بعد الزواج فهو في الغالب ثمرة التعود قبله .

No comments:

Post a Comment