الكوانتم ميكانيك الجزء 1

بعد نجاح نظريات الفيزياء الكلاسيكية و خاصة نظرية نيوتن  (1727-1643) في الجاذبية ( theory of gravity) أدى هذا النجاح ببعض العلماء اشهرهم العالم الفرنسي ماركيز لابلاس (1827-1749) ليعتقد بأن الكون يجري على قوانين حتمية تماما و هذا ما يسمى بمذهب الحتمية (determinisim) ، حيث اعتقد لابلاس أن هنالك مجموعة من القوانين العلمية التي تحكم العالم و التي تتيح لنا بالتنبأ بكل شئ يمكن أن يحدث في الكون و ذلك بحساب ما يسمى بالعوامل الابتدائية (  initial condition ) كالموقع و السرعة ، خذ على سبيل المثال ، اذا حسبنا موقع و سرعة الشمس و الكواكب فيمكننا باستخدام قوانين نيوتن ان نتنبأ بحالة النظام الشمسي عند أي وقت في الزمان . فيمكن مثلا حساب الخسوف و الكسوف و التنبأ بحدوثه لسنين عديدة قادمة بالاعتماد على قوانين نيوتن ، و لكن لابلاس العالم الفرنسي لم يقتصر على الشمس و الكواكب و ما يحيطنا من مادة بل طبق مبدأ الحتمية (determinisim) على سلوك الانسان ايضا!! ، فهل يمكن للعلماء حساب ماذا سوف تكون افعالنا نحن البشر في المستقبل ؟ إن مبدأ الحتمية قد جوبه بالمقاومة الشديدة من قبل العديد من الناس أولئك الذين شعروا بأن قانون الحتمية يتعارض و يتصادم مع حرية الرب و قدرته على التحكم بالمستقبل و تسييره الى حيث يشاء هو .

و لكن ظل هذا المبدأ أي مبدأ الحتمية هو السائد في العلم حتى مطلع القرن العشرين ، إن أول الاكتشافات التي هزت أسس مبدأ الحتمية هو عندما قام العالم الانكليزي لورد ريلي (1919-1842) و السير جيمس جينز (1946-1877) كمية إشعاع الجسم الاسود ، فحسب قوانين الفيزياء الكلاسيكية فإن الجسم الأسود يجب أن يشع اشعة كهرومغناطيسية متساوية عند كل الترددات فإذا كان هذا صحيحا فيجب أن يشع الجسم الأسود كمية متساوية من الطاقة عند كل الوان - و الألوان هي ترددات - الطيف المرئي (visible light ) و كل ترددات المايكروويف ، راديوويف ، الأشعة السينية ... الخ . و هذا يعني ان الجسم الاسود يجب أن يشع نفس الكمية من الطاقة لجميع الترددات بين الصفر و المليون و كذلك بين المليون و المليونين و المليونين و الثلاثة ملايين و هكذا الى ما لا نهاية و هذا معناه أن كمية الطاقة المنبعثة من الجسم الاسود لا نهائية و هذا مستحيل رياضيا . و لأجتناب هذه النتيجة اللامعقولة قام العالم الالماني ماكس بلانك (1947-1858) الذي اقترح عام 1900 أن أشعة الضوء و الأشعة السينية و الموجات الكهرومغناطيسية الأخرى تبعث على شكل كمية محددة من الطاقة أو ما تسمى بالكمات  (quanta) و بذلك تكون كمية الطاقة المنبعثة معتمدة على التردد 

على حسب المعادلة الاتية E=hf , حيث  E تعني الطاقة و h  ثابت بلانك و  f تعني التردد فمثلا ، لما كان تردد اللون البنفسجي هو ضعف تردد اللون الأحمر تكون طاقة اللون البنفسجي ضعف طاقة اللون الأحمر بالاعتماد على المعادلة سالفة الذكر .