بعد أن بينا الصفات العامة للجماعات النفسية ينبغي أن نبين الصفات الخاصة التي تنفرد بها المجاميع عن بعضها إذا صارت جماعات بتأثير الأسباب المؤدية الى ذلك .
و لنبدأ بقول موجز في تقسيم الجماعات .
فأولها الجمع مطلقا و أدنى مراتبه ما كان مؤلفا من أفراد ليسوا من شعب واحد و لا رابطة بينهم إلا إرادة رئيسهم بقدر ماله من المنزلة فيهم . و يمكن التمثيل لهذه المجاميع بالمتبربرين مختلفي الأصول الذين أغاروا على الأمبراطورية الرومانية مدة قرون عدة . و يليها الجموع التي احتفتها أحوال و عوامل ولدت فيها صفات عامة و انتهت بأن صارت شعبا واحدا ، و لهذه الجموع في بعض الأحيان الصفات الخاصة بالجماعات ، إلا أن هذه الصفات الخاصة تكون دائما متأثرة بصفات الشعب العامة .
فإذا اجتمعت في هذه المجاميع بقسميها العوامل التي ذكرناها صارت جماعات منظمة أو نفسية ، و هذه الجماعات تنقسم إلى الأقسام التالية :
أولا : الجماعات مختلفة العناصر و فيها :
1- الجماعات التي لا اسم لها كجماعات الطريق العام
2- الجماعات التي لها اسم خاص كالعدول المحلفين و المجالس النيابية و هكذا .
ثانيا : الجماعات المؤتلفة العناصر و فيها :
1- الأفناء كالجموع السياسية و الدينية و العسكرية
2-الطوائف كالجموع العسكرية و رؤساء الدين و العمال و هكذا
3-الطبقات كجموع الأواسط و جموع أهل الريف و هكذا .
و إليك قولا موجزا في بيان مميزات كل نوع من هذه الأنواع :
القسم الأول : الجماعات مختلفة العناصر : هذه الجموع تتألف من أفراد أيا كانوا و كيفما كانت حرفتهم و عقولهم . و نحن الآن نعرف أنه متى اجتمع قوم و كونوا جماعة عاملة اختلفت أحوالهم النفسية و الاجتماعية مع أحوالهم النفسية الفردية اختلافا عظيما ، و أن العقل لا يمنع من هذا الاختلاف لأنه لا تأثير له في الجماعات ، و أن الذي يؤثر في الجماعات هو المشاعر الغريزية .
و من العوامل الأصلية ما يسهل معه تمييز الجماعات المختلفة العناصر تمييزا تاما و هو الشعب ، و قد ذكرناه مرارا و قلنا أنه أعظم المؤثرات التي تنبعث عنها أفعال الناس . و إن له له تأثيرا في صفات الجماعات .
و عليه تحكم روح الشعب دائما روح الجماعة ، فهي لها كالدائرة المنيعة التي تنظم تقلباتها و تحدد حركاتها ، و من هنا ينبغي أن نقرر القاعدة الآتية : تكون الصفات المنحطة في الجماعة ضعيفة بقدر ما تكون روح الشعب قوية ، فحالة الجماعة هي الهمجية و تسلطها رجوع للعمجية ، و لا يخرج الشعب من الهمجية و يتخلص من سلطة الجماعات التي لا يحكمها العقل إلا إذا كانت له روح قوية شديدة ، و ذلك يتأنى بالتدريج .
و يلي الجماعات المتقدمة الذكر الجماعات التي لا اسم لها كجماعات الشوارع ، ثم الجماعات التي لها اسم ، تعرف به، كجماعات العدول و المجالس النيابية ، و الذي يوجب اختلاف هذين النوعين غالباةفي انفعالهمة هو أن الاولى لا تشعر بتبعة ما نتح عن أعمالها بخلاف الثانية ، فإنها تقدر تبعة عملها كما ينبغي .
القسم الثاني : الجماعات المؤتلفة العناصر
تفترق الجماعات المؤتلفة العناصر إلى أفناء و طوائف ، فالأفماء أول المراتب ، و هي تتألف من أفراد مختلفين في التربية و الحرفة و البيئة أحيانا و لا جامعة تجمعهم إلا وحدة الاعتقاد ، و من هذا النوع الأفناء السياسية و الأفناء الدينية .
و الطوائف أرقاها ، و هي تتألف من أفراد متحدين في الحرفة ، فهم متشابهون في التربية و البيئة كجماعة الجند و جماعة الروساء الروحانيين .
و الطبقات هي التي أفرادها من مناشئ مختلفة اجتمعوا لا بجامعة الاعتقاد كالأفناء و لا بجامعة وحدة الحرف كالطوائف ، بل بجامعة المنافع و الشبه في حالة المعيشة و التربية كطبقة الأواسط في الأمة و طبقة الزراع ... و هكذا .