العلاقة بين الفلسفة و العلم قديمة منذ نشوء الفلسفة اليونانية ، فهذا طاليس كان فيلسوفا و عالما ( عالما بالمعنى القديم لكلمة علم ، حيث افترص أن أصل العالم من ماء ) و فيثاغورس كان رياضيا و فيلسوفا و كان أفلاطون يطلب دراسة الرياضيات فضلا عن الفلسفة ، فقد كتب على باب أكاديميته " لايدخل علينا إلا من كان رياضيا " و كان أرسطو له مؤلفات في الحيوان و النبات و الطب كما و يعتبر أرسطو مؤسس علم الأجنة الوصفي ( Descriptive Embryology ) . و ظل هذا الارتباط في العصر الوسيط بين الفلسفة و العلم فالكندي كان فيلسوفا و عالما اهتم بالرياضيات و الطبيعة و ابن سينا كان فيلسوفا و طبيبا اشتهر بكتابه ( القانون في الطب ) . إلا أن هذه العلاقة بين الفلسفة و العلم في العصر الحديث بدأت تتصدع و أخذت العلوم بالانفصال عن الفلسفة تدريجيا و لا سيما بعد ظهور فرانسيس بيكون (1626-1561) الفيلسوف الانجليزي أحد أهم أعمدة الثورة العلمية في أوروبا من خلال فلسفته القائمة على الملاحظة والتجريب و الذي انتبه الى انعدام جدوى المنطق الارسطي القائم على الاستنباط و القياس ، فظهر التيار التجريبي و بقوة ، فاستقلت الفيزياء أولا في القرن السابع عشر على يد نيكولاس كوبرنيكوس (1543-1473) و يوهانس كيبلر (1630-1571) و غاليلو غاليلي (1642-1571) و إسحاق نيوتن (1727-1642) لأنهم رأوا ضرورة الى إسناد أبحاثهم الى الملاحظة التجريبية و انفصلت الكيمياء على يد لافوازيه (1794-1743) في نهاية القرن الثامن عشر و الاحياء على يد تشارلز داروين (1882- 1809) في القرن التاسع عشر و علم الإجتماع على يد اوجست كونت ( 1882-1798) في القرن ذاته . و هكذا بدأت تتحدد معالم تيار تجريبي جديد يفصل العلوم ( الطبيعية ، و الرياضية ) عن امها ( الفلسفة ) و بهذا فإن الرغبة الحقيقية في الفصل بين الفلسفة و العلم ظهرت لدى العلماء في القرن السابع عشر و خاصة على يد الفيلسوف الانجليزي فرانسيس بيكون الذي أثبت عقم منطق أرسطو و انعدام جدواه ، حيث أنه يعتمد فقط على التفكير المجرد و القياس دون الأعتماد على التجربة و الحقائق الواقعية و بذا ابتعدت الفلسفة عن الواقع في كثير من نظرياتها فهي مجرد أفكار مثالية لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع . و الحق أن المنهج التجريبي كان هو صاحب الفضل في الثورة العلمية في أوروبا و التقدم العلمي و الصناعي بعد أن قضى على المنطق الأرسطي الذي ظل متربعا على عرش الفكر الاوروبي لما يقارب الألف سنة . إلا أنه في القرن العشرين ظهر بعض المفكرين الذين يدعون الى إعادة الوفاق بين العلم و الفلسفة مرة أخرى لأن انفصال العلم عن الفلسفة يسبب الضرر لكليهما ، فدعى غاستون باشلار (1962-1884) الى الربط بين العلم و الفلسفة في قوله " على الفيلسوف أن يكون على صلة بالتجارب العلمية و أن يهتم العلماء بالمذاهب الفلسفية النقدية ، لأن الانفصال بين الإثنين لن يكون في مصلحة أحدهما .
This website interested in explanation of major historical events and the scientific method by which we deal with history to reach the historical fact as could as possible.
▼
No comments:
Post a Comment